القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
55018 مشاهدة
التوسل المشروع والممنوع

...............................................................................


بعد ذلك نتوسل بمحبة الصحابة كلهم؛ منهم ذوو القربى وغيرهم، التوسل يكون بالأعمال الصالحة، ولا يجوز التوسل بالذوات، فلا نقول: نتوسل إليك يا رب ب عليّ ولا نتوسل ب الحسن أو ب الحسين ولا نتوسل ب فاطمة ؛ بل لا نقول: نتوسل ب أبي بكر ولا ب عمر ولا نتوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما نتوسل بمحبتهم نقول: إن محبتهم واجبة علينا، وإننا نجعل تلك المحبة وسيلة إلى الله تعالى فنقول: يا رب نجنا من عذابك بمحبتنا لك، وبمحبتنا لأوليائك، ولأنبيائك ولأصفيائك، ولذوي قربى نبيك فإننا نحبهم محبة دينية؛ فنرجو أن تنجينا من النار بهذه المحبة التي هي محبة أهل الخير، محبة كل مؤمن تَقِيٍّ يُرْجَى بها الأجر الكبير، إذا أحببنا الله تعالى، وأحببنا نبيه وأحببنا أولياءه فهذه المحبة قربة نتقرب بها إلى الله تعالى، نتوسل بها .
فنتوسل إليك يا رب بعباداتنا وبعقائدنا نتوسل إليك يا ربنا بأعمالنا التي نعملها لك؛ بصلواتنا، وبصدقاتنا، وبصيامنا، وبجهادنا، وبدعوتنا إليك وبتعلمنا كلامك، وبقراءتنا للقرآن كل هذه نجعلها وسائل نتوسل بها إلى الله تعالى حتى يثيبنا، وحتى ينجينا من عذابه، فإنه ينجي من يشاء من العذاب، ويدخل من يشاء في رحمته بفضله، وبما قدموه من الأعمال الصالحة .
نعرف أن التوسل منه ما هو مشروع، ومنه ما هو ممنوع .
المشروع: هو التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة؛ مثل: قصة أصحاب الغار؛ لما انطبقت عليهم صخرة توسل أحدهم ببره لوالديه، وقال: يا رب إن كنت صادقا، فافرج عنا ما نحن فيه، وتوسل الثاني بتعففه عن الحرام مع قدرته عليه، وقال: اللهم إن كنت صادقا، فافرج عنا ما نحن فيه، وتوسل الثالث بأمانته كونه أمينا أدى الأمانة التي عنده ولم يكتمها، فكان ذلك من الأسباب التي أنجاهم الله بها، وفرج عنهم وخرجوا يمشون .
كتب بعض المشائخ رسائل في التوسل هناك كتاب اسمه التوصل إلى حقيقة التوسل المشروع والممنوع لنسيم الرفاعي رحمه الله، وكذلك أيضا كتاب آخر في التوسل المشروع والممنوع لناصر الدين الألباني رحمه الله، بينوا فيها أن التوسل بالأعمال الصالحة أنه جائز، ومن جملة الأعمال الصالحة محبة الصالحين .
فإذا قلت: اللهم إني أتوسل إليك بمحبة عبادك الصالحين، أتوسل إليك بمحبة نبيك وبمحبة الصحابة وبمحبة أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا جائز .
وأما الممنوع: فإنه التوسل بالأشخاص أن تقول: أتوسل إليك بنبيك، أتوسل إليك بخلفائه، أتوسل إليك بأنبيائك؛ وذلك لأن الله ليس لأحد عليه حق؛ الحق إنما هو من الله:
ما للعبـاد عليه حق واجب
كلا ولا سعي لديه ضائع
فينتبه إلى أن هذا التوسل إنما هو بمحبة الصالحين .